ما هو مفهوم التنمية البشرية وخصائصها؟! يحاول العديد من الأشخاص بلوغ العديد من الأهداف المختلفة في الحياة لتحقيق النجاح والاستقرار المادي، الذي يهيئ لهم الحياة التي يطمحون إليها. ورغم ذلك هناك جانب مهم جداً في تحقيق نلك الأهداف ويغفل عنه الكثير وهو تحقيق الذات وكذلك التنمية البشرية بما يخلق معادلة التوازن لدى الإنسان، واليوم سنتناول هذا الموضوع بإسهاب من حيث مفهوم التنمية البشرية وخصائصها المختلفة التي سنحتاج إليها أيضاً في بعض التوضيحات ولكن سنبدأ بالجذور التاريخية لنشأة التنمية البشرية.
أولاً: تاريخ ظهور التنمية البشرية
لا ينكر أحد فضل وتاريخ الحضار ات القديمة في صناعة الحضارة عمتاً والإنسان خاصةً وتشهد العديد من الأثار الفرعونية االكتابات القديمة المدونة والمنقوشة على الجدران على ظهور بوادر هذا العالم منذ القدم، بل وهناك أبحاث تدور حول وجود أفكار توجه الموارد أو الكوادر البشرية أنذاك، ومن هنا ننتقل على أمريكا الشمالية حيث يُعتقد أن نشأة التنمية البشرية ظهرت هناك بسبب انتشار العلوم المختلفة وإعلاء قيمة الفرد بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن ربما يحتاج ذلك من الباحثين ايجاد الأدل الواضحة التي تفيد تحديداً أين ظهرت التنمية البشرية.
ثانياً : تطور التنمية البشرية من علم غير متعارف عليه إلى علم نظري وتطبيقي
شهد العالم العديد من الأحداث والصراعات والتي بالضرورة أدت إلى ظهور العديد من الفنون والعلوم التي ساهمت في تطوير الكثير من الأشياء ومن ضمنها علم التنمية البشرية التي كانت من أهم أسباب ظهوره بشكل تدريجي هذه الأحداث:
الثورة الصناعية الأولى: ظهرت الثورة الصناعية الاولى في انجلترا بعد إحلال الألة مكان العمال في بعض المناطق الصناعية مما أدى إلى الإستغناء عن عدد كبير من العمال، ودعت الحاجة بشكل تدريجي إلى وجود قانون يوضح العلاقة بين العامل ورب العمل وتوالت الأفكار بعد ذلك حتى نشأت التنمية البشرية لتحسين ظروف العاملين.
ظهور فكرة النقابات العمالية: رغم أن للثورة الصناعية الكثير مما يميزها من اختراع الألة ونشأة الميكنة إلا أن العديد من المشكلات ظهرت بسبب الاستغناء عن العمالة، وقامت العديد من الثورات أو الإنتفاضات سواء بشكل عشوائي أو منظم، وأخيراً دعت الحاجة إلى تكوين ما يشبه بنقابات العمال المعروفة في وقتنا هذا أيضاً ،والتي من شأنها حماية حقوق العمال وتحديد أجورهم.
علم النفس الصناعي وأول خطوات التنمية البشرية:
علم الإجتماع والتنمية البشرية: اهتم علم الإجتماع بالكثير من العلاقات الإنسانية وعلاقات الفرد بالمجتمع كما ألقى الضوء على على علاقة الموظف بالعمل، وأثبت أن ظروف العمل الجيدة ليست لها الصدارة في تحسين جودة العمل أو إنتاجية العمال والموظفين، ولكن الإهتمام بالعمال وحل مشاكلهم وتوفير الخدمات لهم.
المنظمات المدنية وعلم التنمية البشرية: اهتمت المنظمات المدنية أيضاً بالكثير من مشكلات العمل وتنمية الفرد على عدة مستويات، فوضعت شروط وسن أدنى للتعيين، وحددت الحد الأدنى للأجور وساعات العمل، والعديد من القوانين الأخرى التي تأتي تحت بند التنمية البشرية و تنمية الفرد.
ثالثاً: ما هي التنمية البشرية
التنمية البشرية هي عملية مستمرة ومتطورة لتطوير الإنسان ودعمه، فهو علم لا يتوقف إطلاقاً عن اكتشاف المزيد وتطوير مهارات الإنسان، طالما هناك حياة على سطح الأرض، فالإنسان يتعاون مع غيره، ويعمل، ويننتج ويسافر ويتعلم ويحتاج دائماً إلى ما يحفزه ويجعله قادراً على أداء مهامه بشكل جيد، وهنا يأتي دور التنمية البشرية المسؤلة عن تطوير قدرات وإمكانات الإنسان بحيث يكون قادراً على أداء مهامه وأنشطته.
رابعاً: خصائص وأهداف التنمية البشرية
تشير كلمة التنمية البشرية من الناحية اللغوية إلي الإنماء والتطور، فهي تعتني بكل ما هو جديد على محيط التطور الإنساني، وللتنمية البشرية العديد من الخصائص والأهداف التي تميزها ومن ضمن خصائصها:
الحركة: تهدف التنمية البشرية إلى التطبيق دائماً، وتميل إلى فعل الحركة باستمرار فهي تطور مهارات الإنسان وتنمي من قدراته بشكل عملي وليس نظري.
التحضر: تسعى التنمية البشرية إلى خلق مفاهيم جديدة مفيد للفرد ترقى به وتحفزه وتجعله أفضل من الأمس، وتقف أمام كل فكرة عديمة الفائدة أو غير مهمة، ولذلك فتنمية الفرد جزء لا يتجزأ من صناع الحضارة والتطور الإنساني.
الإجتماعية: دائماً ما تنظر التنمية البشرية على الفرد كجزء من كل ،وتناقش قضايا المجتمع الذي يعيش فيه الإنسان، ولذلك فهي تهتم بالنظام الإنساني ككل، وتناقش جميع أموره وقضاياه من أجل تحسين انتاجه سوء لنفسه أو للمجتمع الذي يعيش فيه.
التداخل: التنمي البشرية متداخلة ومتشابكة مع العديد من المجالات، والحقيقة أنها متداخلة مع كل المجالات تقريباً لانها كما ذكرنا تعني كثيراً بتنمية وتطوير الإنسان الذي لا غنى عنه في أي مجال، لذلك فالتنمي البشرية في أسس ونظريات العمل، في تأسيس القواعد الإجتماعية وحتى في فنون الحرب والقتال والحيل النفسية لا غنى عنها في دراسة أو تنمية البشر.
النظام: لا تسير المجتمعات الناجحة إلا بالنظام، وهذا ينطبق على الفرد قبل المجتمع لذلك فالتنمية البشرية تدرس منهاج ونظام كل مؤسسة على حدة.
خامساً: أهداف التنمية البشرية
تهدف التنمية البشرية إلى العديد من الأفكار التطورية التي من شأنها التقدم بالفرد أو المجتمع، فهناك العديد والعديد من الأفكار والأهداف التي تسعى إليها والتي من ضمنها:
1- القضاء على الجهل والأفكار التي من شأنها ان تعيق الإنسان وتحد من قدراته أو توقفه عن التقدم والتطور.
2- خلق أفكار إبداعية داخل كل فرد بما يتناسب مع مواهبه أو مهاراته.
3- توفير فرص عمل على جميع المستويات وذلك للحد من البطالة والسعي من أجل تحقيق علاق توازنية بين الموظفين والمؤسسات المختلف التي يعملون بها.
4- الإهتمام بالعناية والرعاية الصحية لجميع الأفراد وتكثيف العناية الطبية للأطفال وأصحاب الأمراض المزمنة.
5- إنشاء العديد من المساكن في مختلف الأماكن سواء في الريف أو الحضر وذلك للحد من ظاهرة التكدس.
6- القضاء على كل ما هو جدير بإعاقة الإنسان أو تأخيره عن التقدم والتطور
7- القضاء على الأجور الضئيلة وتحسين مستوى الفرد ليتمكن من العيش بشكل سليم ومتوازن.
8- خلق بيئة من الأمان والحرية لدى جميع الأفراد وعلى اختلاف أديانهم أو طبقاتهم الإجتماعية أو ميولهم الفكرية.
ومن هنا علينا معرف أن التنمية البشرية لها مفهوم عام وشامل أكثر من التنمية الذاتية فهما دائما ما يتفقان كثيراً ولكن يختلفان في بعض الأحيان كثيراً، لأن التنمية البشرية هي الأم الحاضنة لتنمية الذات حيث تعد الأخيرة جزء منها وليس العكس، ولذلك يحاول الكثير من الدارسين والباحثين على ربط التنمية البشرية بتطوير أو تنمية الذات التي في الغالب تبدأ من داخلنا نحن أولاً وتسير نحو تطوير الأخر وتنمية المجتمع.