أصبح موضوع تطوير الذات أو النفس شائعاً جداً في الفترة الاخيرة، واتجهت الأنظار للبحث عن الموضوعات المتعلقة بتنمية الذات، فاليوم لا ينكر أحد أن القراءة والإطلاع في هذا المجال من الامور التي تساعدك ان تدفع نفسك إلى الأمام، وأن ترتقي بطريقة تفكيرك، عملك وحكمك على الأمور، واليوم سنعرض هذا الموضوع في موقع تطلعات من منظور إسلامي.
أهمية النفس أو الروح في الإسلام:
جاء الدين الإسلامي وهو يحمل الكثير من المبادئ والأفكار الجديدة التي من شأنها احترام الإنسان وآدميته. وقد رفع الإسلام كثيراً من شأن النفس البشرية، وطوع العالم لخدمتها، كما أمر الدين الحنيف باحترامنا لذاوتنا والروح التي تكمن بداخلنا باعتبارها البذرة الأولى لماهية الإنسان وكيانه على الأرض. حيث قال الله في كتابه الكريم ” ولا تلقوا يأيديكم إلى التهلكة” كما نبه على احترام النفس ورعايتها فقال” إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا” كما عزز الله النفس البشرية حيث لا يكلفها فوق طاقتها.
التأمل في خلق الله وعلاقته بالنمو الذهني والروحي في الإسلام:
خدّم الإسلام على جميع متطلبات المسلمين من جميع النواحي: دينية، نفسية، ذهنية وعملية. كما دعا إلى التفكر والتأمل في مخلوقات الله والكون أجمعه، وهنا يهتم الإسلام كثيراً بتطور الإنسان الذهني ونموه العقلي، كشرط لإتمام رسالة الإنسان الحقيقية على الأرض. حيث يذكر الله في كتابه الكريم مخاطباً الذين لايؤمنون: ” أفلا يتدبرون القراءن أم على قلوب أقفالها”. وهنا دعوة من اللع عز وجل للتدبر والتفكير في كلامه وأحكامه، وبالتالي نمو الفرد الذهني والروحي، وتعرفه على رسالته في هذا الكون.
كما يشدد القرأن الكريم على التفكير و ضرورة إعمال العقل لدى الإنسان في قوله” أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خُلقت وإلى السماء كيف رفُعت وإلى الجبال كيف نُصبت وإلى الأرض كيف سُطحت”. والكثير من الأيات الأخرى التي ذكرها الله تعالى لحث خلقه على التفكير وقول سبحان الله على العظمة والمقدرة الإلهية منقطعة النظير.
الرياضات الروحية والأخلاقية في الإسلام:
وازن الإسلام بين متطلبات الفرد والتنمية الذاتية له ومتطلبات الحياة، ولكن يرى الإسلام أن نهوض المجتمع ما هو إلا ناتج لنهوض الفرد أولاً، وعبر عن ذلك الرسول محمد صل الله عليه وسلم في قوله” المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً”. وهنا جاء الإسلام برسالة ومنهج في الحياة لتطوير الإنسان وتنمية ذاته، كما أكد الدين الإسلامي على أهمية الأخلاقيات في حياة المسلم، حيث يقول الله في كتابه الكريم” واصفاً النبي محمد صل الله عليه وسلم”و إنك لعلى خلق عظيم” حيث ذكر الله تميز أخلاق نبيه محمد وفي ذلك ضرورة للحث على التتوج بالأخلاق الحسنة، الذي بُعث رسولنا الكريم لإتمامها” إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.
وتعد الأخلاق الإسلامية شاملة ومتكاملة كما أنها مناسبة لكل زمان ومكان ولا تدخل فيها لرأي أو تجارب البشر، فهي تستمد سراجها من القرأن الكريم والسنة النبوية فقط، حيث دعا الإسلام إلى تنمية الذات البشرية من خلال العديد من الأمور والاخلاقيات والرياضات الروحية، التي يجب أن يتحلى بها المسلم كفرد والجتمعات الإسلامية ككل منها: الإحسان إلى الغير، حسن الجيرة والمعاملة، الموعظة الحسنة، احترام الأخر، التسامح والتعاون بين الناس وغيرها الكثير والكثير من المبادئ والاخلاقيات السامية بهدف الحفاظ على الإنسان وتنميه ذاته.
كما ذكر القرأن الكريم العديد من صفات الفرد المؤمن الحق الذي يعفو عن غيره ويكظم غيظه، في قوله تعالى ” والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين” كما أشاد الإسلام بأهمية الصبر والتوكل على الله كرياضة روحية مهمة لتنمية الذات البشرية وتقويتها فيقول الله عز وجل ” الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون”. والكثير من الأمثلة التي قد لا يتسع لها مقالنا لتناولها بشكل مُسهب.
طلب العلم في الإسلام والإرتقاء بالنفس البشرية:
تطوير الذات نزل الدين الإسلامي ودعا إلى الكثير من الأمور الإيجابية وقد ركز كثيراً على طلب العلم باعتباره شئ أساسي ومهم في ارتقاء الإنسان، كما أمر الدين الإسلامي بالقراءة والتزود من العلوم المختلفة حيث نزلت الأية الكريمة من سورة العلق في قول الله عز وجل ” أقرأ باسم ربك الذي خلق”. كما شجع الإسلام العلم والعلماء في إشارة منه لأهمية التعلم بل والريادة في مجال العلم، حيث قال تعالى ” إنما يخشى الله من عباده العلماء”. وفي هذه الأية قد ربط الله العلم بالتقوى وقوة الإيمان به، حيث كلما زاد علم الإنسان، تطلبت رحلة حياته التزود من العلوم الربانية.
العمل والتعاون وتنمية الإنسان:
تطوير الذات، يعتبر التعاون أصل مهم وقوي من أصول الدين الإسلامي، وقد حث عليه كثيراً في كثير من الأيات والأحاديث القدسية والنبوية، وهو يعتبر أمر على جميع المسلمين أن يتعاونوا فيما بينهم وذلك لتحقيق القوة والأخوة بين الجميع، حيث يعد التعاون من أهم أساسيات التنمية البشرية وخطوة مهمة لتحقيق تطور الذات والتغلب على الأنانية والمصلحة الشخصية
ومن الجدير بالذكر أن انتشار الدين الإسلامي في العديد من المجتمعات كان التعاون أحد أهم أسبابه، حيث كان الناس يعملون معاً وبشكل جماعي، حيث لم تعرف المجتمعات الإسلامية قديماً الذاتية، وهنا يذكرنا الله تعالى بالتعاون ويقول” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” كما قال تعالى ” واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا”.
العمل والتعاون جزأن لا يتجزئان عن بعضهما البعض، وكما أمر الإسلام بالتعاون فقد أمرنا بالعمل والإنتاج لتعمير الأرض التي خلقنا عليها، حيث رأى الإسلام أن لا يصح للإنسان أن يكون متكاسل وبعيد عن العمل والإنتاج لخدمة نفسه ووطنه الذي يعيش فيه وينتمي إليه، يث يقول الله تعالى داعياً للعمل” فإذا قُضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله.” كما ينظم الإسلام أوقات المسلم حيث النهار للمعاش والعمل وطلب الرزق، والليل للهدوء والسكون، فيقول تعالى: ” وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً”
كما شدد الإسلام على الأمانة والصدق في التعاملات التجارية لتدنب الغش والفساد في المجتمعات فيقول محمد صل الله عليه وسلم” التاجر الامين الصدوق المسلم مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة” وغيرها الكثير من الأحاديث والأيات القرأنية الدالة على العمل والتعاون.
التنافس في الإسلام وتطوير الذات:
ناقش الدين الإسلامي جميع القضايا التي تشغل بال الإنسان، كما قدم لها الحلول والنصائح، وجميعنا يعلم أن العمل المخلص عبادة في الإسلام ونوع من التقرب والتقوى لله ، وعلى هذا الصدد شجع الإسلام على التنافس وأثرى روح المنافسة الشريفة بين الناس، وفي ذلك يقول الله ” أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون”. وكذلك يشجعنا الله عز وجل على التنافس الشريف ويقول في سورة المطففين ” وفي ذلك فليتنافس المتنافسون”.
وهناك العديد من النماذج الأخرى والغير منتهية والتي ناقشها الدين الإسلامي من منظور تطوير وتنمية الذات، والتي يكون دورها بشكل أساسي الحفاظ على الإنسان وتنميته.
شاهد أيضاً: تطوير الذات بداية العظماء- أحمد الشقيري